كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ولوا على أدبارهم نفورًا} مصدر من غير لفظ التولية أو جمع نافر كقاعد وقعود فأوعدهم الله على ذلك بقوله: {نحن أعلم بما يستمعون به} من الهزء بك وبالقرآن. قاتل جار الله {به} في موضع الحال كما تقول يستمعون بالهزء أي مصاحبين الهزء أو هازئين و{إذ يستمعون} نصب بما دل عليه أعلم أي أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون {وإذ هم نجوى} أي يتناجون به إذ هم ذوو نجوى {إذ يقول الظالمون} {إذ} بدل من {إذ هم} {إن تتبعون} أي على تقدير الإتباع لأنهم لم يتبعوا رسول الله {إلا رجلًا مسحورًا} سحر فاختلط عقله وزال على حد الاعتدال. وقيل: المسحور الذي أفسد من قولهم: طعام مسحور، إذا أفسد عمله أرض مسحورة أصابها من المطر أكثر مما ينبغي فأفسدها. وقال مجاهد: {مسحورًا} مخدوعًا لأن السحر حيلة وخديعة، زعموا أن محمدًا يتعلم من بعض الناس وأولئك الناس كانوا يخدعونه بهذه الحكايات، أو زعموا أن الشيطان يخدعه فيتمثل له بصورة الملك.
وقال أبو عبيدة: يريد بشرًا ذا سحر وهو الرئة. قال ابن قتيبة: لا أدري ما حمله على هذا التفسير المستنكر مع أن السلف فسروه بالوجوه الواضحة. {انظر كيف ضربوا لك الأمثال} شبهك كل منهم بشيء آخر فقالوا: إنه كاهن وشاعر وساحر ومعلم ومجنون {فضلوا} في جميع ذلك عن طريق الحق {فلا يستطيعون سبيلًا} إلى الهدى والبيان ضلال من تحير في التيه الذي لا منار به.
وحين فرغ من شبهات القوم في النبوّات حكى شبهتهم، في أمر المعاد. وأيضًا لما ذكر أن القوم وصفوه بأنه مسحور فاسد العقل ذكر ما كان في زعمهم دالًا على اختلاط المفتتة من كل شيء ينكسر وهو اسم كالرضاض والفتات ويقال منه: رفت عظام الجزور رفتًا إذا كسرها. وتقرير الشبهة أن الإنسان إذا مات جفت أعضاؤه وتاثرت وتفرقت في جوانب العالم واختلطت بسائطها بأمثالها من العناصر، فكيف يعقل بعد ذلك اجتماعها بأعيانها ثم عود الحياة إلى ذلك المجموع؟ فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بأن إعادة بدن الميت إلى حالة الحياة أمر ممكن، ولو فرضتم أن بدنه قد صار أبعد شيء من الحياة ورطوبة الحي وغضاضته ومن جنس ما ركب منه البشر كالحجارة أو الحديد فهو كقول القائل: أتطمع فيّ وأنا فلان؟ فيقول: كن ابن الخليفة أو من شئت فسأطلب منك حقي. أما قوله: {خلقًا مما يكبر في صدوركم}. فالمراد فرضوا شيئًا آخر أبعد عن قبول الحياة من الحجر والحديد بحيث تستبعد عقولكم كونه قابلًا لوصف الحياة، وعلى هذا لا حاجة إلى تعيين ذلك الشيء. وقال مجاهد: أراد به السموات والأرض.
وعن ابن عباس أنه الموت أي لو صارت أبدانكم نفس الموت فإن الله يعيد الحياة إليها. وهذا إنما يحسن على سبيل المبالغة كما يقال: هو روح مجسم أو وجود محض وإلا فالموت عرض وانقلاب الجسم عرضًا محال. وبتقدير التسليم فالموت كيف يقبل الحياة لأن الضد يمتنع أن يقبل الضد. وفي قوله: {قل الذي فطركم أول مرة} بيان كافٍ وبرهان شافٍ لأنه لما سلم أن خالق الحيوان هو الله فتلك الأجسام في الجملة قابلة للحياة والعقل وإله العالم عالم بجميع الجزئيات والكليات فلا يشتبه عليه أجزاء بدن كل من الأموات، وإذا قدر على جعلها متصفة بالحياة في أول الأمر فلأن يقدر على إعادتها إلى الحياة في ثاني الحال أولى. ألزمهم أوّلًا بأن البعث أمر ممكن وإن فرضتم بدن الميت أي شيء أردتم فكأنهم سلموا إمكانه ولكن تجاهلوا وتغافلوا عن تعيين المعيد فقالوا: {من يعيدنا} فأجاب بأنه الفاطر الأول. ثم زادوا في الاعتراض فسألوا عن تعيين الوقت يقينًا وذلك قوله: {فسينغضون إليك رؤوسهم} أي فسيحركونها نحوك تعجبًا واستهزاء.
قال أبو الهيثم: يقال للرجل إذا أخبر بشيء فحرك رأسه إلى فوق وإلى أسفل إنكارًا له أنغض رأسه. قال المفسرون {عسى} من الله واجب فعلم منه قرب وقت البعث، ولكن وقته على التعيين مما استأثر الله بعلمه. لا يقال كيف يكون قريبًا وقد انقرض أكثر من سبعمائة سنة ولم يظهر لأنا نقول: كل ما هو آتٍ قريب، وإذا كان ما مضى أكثر مما بقي فإن الباقي قليل. قوله: {يوم يدعوكم} منتصب بـ {اذكروا} والمراد يوم يدعوكم كان ما كان، أو هو بدل من {قريبًا} والمعنى عسى أن يكون البعث يوم يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة. يروى أن إسرافيل ينادي: أيها الأجسام البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت. والاستجابة موافقة الداعي فبما دعا إليه وهو مثل الإجابة بزيادة تأكيد لما في السين من طلب الموافقة، قال في الكشاف: الدعاء والاستجابة كلاهما مجاز، والمعنى يوم يبعثكم فتبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون.
وقوله: {بحمده} حال منهم أي حامدين وهي مبالغة في انقيادهم للبعث كقولك لمن تأمره بأمر يشق عليه: ستأتي به وأنت حامد شاكر أي متهيء إلى حالة تحمد الله وتشكره على أن اكتفي منك بذلك العمل، وهذا يذكر في معرض التهديد. وقال سعيد بن جبير: يخرجون من قبورهم وينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: سبحانك اللَهم وبحمدك. وقال قتادة: بحمده أي بمعرفته وطاعته لأن التسبيح والتحميد معرفة وطاعة ومن هنا قال بعضهم: حمدوا حين لا ينفعهم الحمد. وقال آخرون: الخطاب مختص بالمؤمنين لأنهم الذين يليق بهم الحمد لله على إحسانه إليهم {وتظنون إن لبثتم إلاَّ قليلًا} عن قتادة: تحاقرت الدنيا في أنفسهم حين عاينوا الآخرة ومثله قول الحسن: معناه تقريب وقت البعث وكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. وقال ابن عباس: يريد ما بين النفختين الأولى والثانية فإنه يزول عنهم هول العذاب في ذلك الوقت. وقيل: أراد استقصار لبثهم في عرصة القيامة حين عاينوا هول النار. ثم أمر المؤمنين بالرفق والتدريج عند إيراد الحجة على المخالفين فقال: {وقل لعبادي} أي المؤمنين لأن لفظ العباد يختص بهم في أكثر القرآن {فبشر عبادي الذين يستمعون القول} [الزمر: 17] {عينًا يشرب بها عباد الله} [الدهر: 6] {فادخل في عبادي} [البقرة: 29]، {يقولوا} الكلمة أو الحجة {التي هي أحسن} وألين وهي أن لا تكون مخلوطة بالسب واللعن والغلظة. ثم نبه على وجه المنفعة بهذا الطريق فقال: {إن الشيطان ينزغ بينهم} أي بين الفريقين جميعًا فيزداد الغضب وتتكامل النفرة ويمتنع حصول المقصود. ثم قال: {ربكم أعلم بكم أن يشأ يرحمكم} أيها المؤمنون بالإنجاء من كفار مكة إيذائهم {أو إن يشأ يعذبكم} بتسليطهم عليكم {وما أرسلناك} يا محمد عليهم وكيلًا أي حافظًا موكولًا إليك أمرهم إنما أنت بشير ونذير.
والهداية إلى الله.
وقال جار الله: الكلمة التي هي أحسن مفسرة بقوله: {ربكم أعلم بكم} إلى آخره أي قولوا لهم الكلمة ونحوها ولا تقولوا لهم إنكم من أهل النار، وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يزيد غيظهم. وقوله: {إن الشيطان ينزغ بينهم} اعتراض. وقيل: المراد بالعباد الكفار أي قل لعبادي الذين أقروا بكونهم عباد إلي يقولوا الكلمة التي هي أحسن وهي كلمة التوحيد والبراءة من الشركاء والأضداد، لأن ذلك أحسن بالبديهة من الإشراك. ووصفه بالقدرة على الحشر أحسن من وصفه بالعجز عنه، والحامل على مثل هذه العقائد هو الشيطان المعادي. ثم قال لهم: {ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم} بتوفيق الهداية، وإن يشأ يعذبكم بالإماتة على الكفر إلا أن تلك المشيئة غائبة عنكم فلا تقصروا في الجد والطلب. ثم قال لرسوله: {وما أرسلناك عليهم وكيلًا} حتى تقسرهم على الإسلام وما عليك إلا البلاغ على سبيل الرفق والمداراة وهذا قبل نزول آية السيف. وقيل: نزلت في عمر بن الخطاب شتمه رجل فأمره الله بالعفو. وقيل: أفرط إيذاء المشركين للمسلمين فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. وحين قال: {ربكم أعلم بكم} عمم الحكم فقال: {وربك أعلم بمن في السموات والأرض} يعني أن علمه غير مقصور عليكم ولا على أحوالكم بل علمه متعلق بجميع الموجودات وبما يليق بكل منها وبذلك حصل التمايز والتفاضل كما قال: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} وفيه رد على أهل مكة في إنكارهم أن يكون يتيم أبي طالب مفضلًا على الخلائق ونبيًا دون صناديد قريش وأكابرهم. وأنما ختم الآية بقوله: {وآتينا داود زبورًا} ليعلم أن التفضيل ليس بالمال والملك وإنما هو بالعلم والدين فإن داود كان ملكًا عظيمًا ولم يذكره الله سبحانه إلا بمزية إيتاء الكتاب. وفيه أيضًا إشارة إلى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وأمته خير الأمم بدليل قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء: 105] أي محمد وأمته. ومعنى التنكير في زبور أنه كامل في كونه كتابًا. والزبور وزبور كالعباس وعباس والحسن وحسن، أو المراد بعض الزبر أو الزبور كما يسمى بعض القرآن قرآنًا. وقيل: إن كفار قريش ما كانوا أهل نظر وجدال بل كانوا يرجعون إلى اليهود في استخراج الشبهات، وكانت اليهود تقول: إنه لا نبي بعد موسى ولا كتاب بعد التوراة، فنقض الله كلامهم بإنزال الزبور على داود بعد موسى.
ثم رد على طائفة من المشركين كانوا يعبدون تماثيل على أنها صور الملائكة، أو على طائفة من أهل الكتاب كانوا يقولون بآلهية عيسى ومريم وعزير فقال: {قل ادع الذين زعمتم من دونه} وقيل: أراد بالذين زعمتم نفرًا من الجن عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا.
وإنما خصصت الآية بإحدى هؤلاء الطوائف لأن قوله بعد ذلك {يبتغون إلى ربهم الوسيلة} لا يليق بالجمادات. قال ابن عباس: كل موضع في كتاب الله ورد فيه لفظ الزعم فهم بمعنى الكذب. وتقرير الرد أن المعبود الحق هو الذي قدر على إزالة الضر وتحويله من حال إلى حال أو مكان إلى مكان، وهذه التي زعمتم أنها آلهية لا تقدر على شيء من ذلك فوجب القطع بأنها ليست بآلهة. سؤال: ما الدليل على أن الملائكة لا قدرة لها على كشف الضر؟ فإن قلتم لأنا نرى أولئك الكفار كانوا يتضرعون إليها ولا تحصل الإجابة قلنا: إن المسلمين أيضًا يتضرعون إلى الله ولا يجابون، وبتقدير الإجابة في بعض الأوقات فالكفار أيضًا يحصل مطلوبهم أحيانًا فيقولون إنه من الملائكة. جوابه أن الملائكة مقرّون بأن الإله الأعظم خالق العالم، فكمال قدرته معلوم متفق عليه وكمال قدرة الملائكة غير معلوم ولا متفق عليه، بل المتفق عليه أن قدرتهم بالنسبة إلى قدرة الله قليلة حقيرة، وإذا كان كذلك وجب أن يكون الاشتغال بعبادة الإله الأعظم أولى وأجدر أخذًا بالمعلوم المتيقن دون المظنون الموهوم. على أن أهل السنة قاطعون بأنه لا تأثير لشيء في الوجود إلا لله تعالى. يقول مؤلف هذا التفسير: أضعف عباد الله تعالى وأحوجهم إليه الحسن بن محمد المشتهر بنظام النيسابوري نظم الله أحواله في أولاه وأخراه. رأيت في بعض الكتب مرويًا عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: من وقع في ملمة أو طلب كفاية مهم فليسجد في خلوة وليقل في سجدته إلهي أنت الذي قلت: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلًا} فيا من يملك كشف الضر عنا وتحويله اكشف ما بي، فإنه إذا قال ذلك كشف الله عنه ضره وكفى مهمه. وقد جرب فوجد كذلك.
ثم إنه تعالى أكد عدم اقتدار معبوديهم ببيان غاية افتقارهم إلى الله تعالى في جذب المنافع ودفع المضار فقال: {أولئك} وهو مبتدأ و{الذين يدعون} صفته {ويبتغون} خبره يعني أولئك المعبودين يطلبون {إلى ربهم الوسيلة} أي القربة في الحوائج و{أيهم} بدل من واو {ويبتغون} وهو موصول وصدر صلته محذوف أي يبتغي من هو أقرب الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب؟ والدليل على هذا الافتقار إقرار جميع الكفار بإمكانهم الذاتي وجوز في الكشاف أن يضمن يبتغون الوسيلة معنى يحرصون فكأنه قيل: يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله وذلك بازدياد الخير والطاعة والصلاح، ويرجون ويخافون كغيرهم من العباد. وقيل: أولئك الذين يدعون هم الأنبياء الذين ذكرهم الله في قوله: {لقد فضلنا بعض النبيين} أي الذين عظمت منزلتهم وهم الأنبياء الدعوان للأمم إلى الله، لا يعبدون إلا الله ولا يبتغون الوسيلة إلا إليه فأنتم أحق بالعبادة.
واحتج هذا القائل على صحة قوله بأن الله تعالى قال: {يخافون عذابه} والملائكة لا يعصون الله فكيف يخافون عذابه؟ وأجيب بأنهم يخافون عذابه لو أقدموا على الذنب لقوله: {ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم} [الأنبياء: 29]، {إن عذاب ربك كان محذورًا} أي حقيقًا بأن يحذره كل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل فضلًا عن غيرهم، فإن لم يحذره بعض الجهلة فإنه لا يخرج من كونه واجب الحذر. ثم بين مآل حال الدنيا وأهلها فقال: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة} بالموت والاستئصال {أو معذبوها} بالقتل وأنواع العذاب كالسبي والاغتنام. وقيل: الهلاك للصالحة والتعذيب للطالحة {كان ذلك في الكتاب} وهو اللوح المحفوظ {مسطورًا} فلا يوجد له تبديل قط.
ثم ذكر نوعًا آخر من سننه فقال: {وما منعنا} استعار المنع للترك من أجل لزوم خلاف الحكمة والمشيئة. عن سعيد بن جبير أن كفار قريش اقترحوا منه آيات باهرة كإحياء الموتى ونحوه.
وعن ابن عباس أنهم سألوا الرسول أن يجعل لهم الصفا ذهبًا وأن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا تلك الأراضي، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى ذلك فقال: إن شئت فعلت لكنهم إن كفروا بعد ذلك أهلكتهم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا أريد ذلك وأنزل الله الآية. والمعنى وما صرفنا عن إرسال ما يقترحونه من الآيات {إلا أن كذب بها} الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك واستوجبوا عذاب الاستئصال على ما أجرى الله تعالى به عادته. والحاصل أن المانع من إرسال الآيات التي اقترحوها هو أن الاقتراح مع التكذيب موجب للهلاك الكلي، وقد عزمنا أن نؤخر أمر من بعث إليهم إلى يوم القيامة، ويحتمل أن يراد أنهم مقلدون لآبائهم فلا يؤمنون ألبتة كما لم يؤمنوا فيكون إرسال الآيات ضائعًا. ثم استشهد على ما ذكر بقصة صالح وناقته لأن آثار هلاكهم في بلاد العرب قريبة يبصرها صادرهم وواردهم وهذا معنى قوله: {مبصرة} أو المراد حال كون الناقة آية بينة يبصر المتأمل بها رشده {فظلموا} أنفسهم بقتلها أو فكفروا {بها} بمعنى أنهم حجدوا كونها من الله قاله ابن قتيبة {وما نرسل بالآيات} المقترحة {إلا تخويفًا} من نزول العذاب العاجل بمعنى أن من أنكرها وقع عليه، أو المراد وما نرسل بآيات القرآن وغيرها من المعجزات إلا إنذارًا بعذاب الآخرة على المعنى المذكور. وحين امتنع من إرسال الآيات المقترحة على رسوله للمصارف المذكورة قوى قلبه بوعد النصر بالغلبة فقال: {وإذ قلنا لك إن ربك} أي واذكر إذا أوحينا إليك أن ربك {أحاط بالناس} أي أنهم في قبضته وقدرته فلا يقدرون على خلاف إرادته فينصرك ويقويك حتى تبلغ الرسالة.